• بدء تعافي أسعار النفط يصطدم بعمليات المضاربة وجني الأرباح

    14/07/2016

    عادت أسعار النفط إلى الانخفاض بعد ارتفاع قياسي في اليوم السابق بلغ 5 في المائة بسبب جني الأرباح وأنشطة المضاربة، إلى جانب ضغوط العوامل التقليدية الأخرى، وفي مقدمتها الزيادة المفاجئة في مستوى المخزونات الأمريكية، وارتفاع الدولار أمام بقية العملات الرئيسة.

    وجاءت بيانات أمريكية عن انخفاض نمو الطلب على النفط لتضغط على الأسعار من جديد، الذي تزامن مع توقعات أخرى لوكالة الطاقة الدولية تؤكد نمو الإنتاج الأمريكي خلال العامين الجاري والمقبل، وهو ما بدأت بشائره تتمثل في ارتفاع تدريجي للحفارات النفطية.

    وبحسب "رويترز"، فقد هوت أسعار النفط أمس إلى أكثر من 4 في المائة أثناء التعاملات، بعد أن أفادت الحكومة الأمريكية بانخفاض أصغر من المتوقع في مخزونات الخام الأسبوع الماضي.

    وكانت عقود النفط قد تراجعت في وقت سابق من الجلسة بعد أن حذرت وكالة الطاقة الدولية من تخمة في الإمدادات العالمية تهدد تعافي السوق، وهبطت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق 2.20 دولار أو 4.6 في المائة إلى 46.27 دولار للبرميل، وانخفضت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.95 دولار أو 4.2 في المائة إلى 44.85 دولار للبرميل.

    وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت بأقل من المتوقع الأسبوع الماضي، بينما سجلت مخزونات البنزين زيادة مفاجئة وقفزت مخزونات نواتج التقطير.

    وتراجعت مخزونات النفط الخام 2.5 مليون برميل في الأسبوع الماضي لتصل إلى 521.8 مليون برميل مقارنة بتوقعات محللين بانخفاض قدره ثلاثة ملايين برميل، وأفادت الإدارة بأن مخزونات الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج بأوكلاهوما هبطت 232 ألف برميل، مضيفة أن مخزونات نواتج التقطير التي تشمل وقود الديزل وزيت التدفئة زادت 4.1 مليون برميل مقابل توقعات بارتفاع قدره 256 ألف برميل.

    وصعدت مخزونات البنزين 1.2 مليون برميل، في حين كانت توقعات محللين في استطلاع تشير إلى هبوط قدره 432 ألف برميل، وانخفضت معدلات التشغيل في مصافي التكرير 0.2 نقطة مئوية، وانخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام في الأسبوع الماضي بمقدار 522 ألف برميل يوميا إلى 7.24 مليون برميل، وزادت أسعار النفط للعقود الآجلة خسائرها إلى نحو 3 في المائة بعد صدور تقرير المخزونات من إدارة معلومات الطاقة.

    في المقابل، صدرت بيانات إيجابية عن نمو الاقتصاد الصيني، الذي حافظ – بحسب مسؤولين صينيين – على أداء قوي خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهو ما قلل المخاوف في الأسواق بشأن مستويات الطلب على النفط في أكبر كيانات العالم استهلاكا للطاقة، كما جاء إعلان بكين عن الرغبة في التعجيل باتفاقيات استثمارية مع الاتحاد الأوروبي ليؤكد رغبة الصين في مساندة الاقتصاد الأوروبي بعد محنة التخارج البريطاني المفاجئ الذي يهدد معدلات النمو.

    وقال لـ "الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" البريطانية للاستشارات المالية، إن الانسحاب البريطاني حدث كبير ومؤثر على المدى الطويل في الأسواق، خاصة في ضوء حالة عدم وضوح الرؤية حاليا بشأن كيفية تنفيذ هذا الخروج، وكيفية تقليل تداعياته السلبية المتوقعة على الأسواق وخاصة سوق الطاقة.

    وأشار نوبل إلى أن منظمة "أوبك" أقرت في تقريرها الشهري الأخير بأن خروج لندن سيؤثر في نمو الطلب على النفط الخام في الفترة القادمة في ضوء تقديراتها بتراجع النمو الاقتصادي العالمي خلال النصف الثاني من 2016.

    وأضاف نوبل أن "أوبك" تراهن بقوة على تراجع واسع في المعروض النفطي من خارج الدول الأعضاء في المنظمة، كما تؤكد حدوث تحسن واسع في مستويات الطلب بحلول العام المقبل 2017، مشيرا إلى أن هذه الرؤية موضوعية، حيث تملك "أوبك" قدرة جيدة على تحليل تطورات السوق وتقييم الوضع، ومن ثم كان من الطبيعي أن تتمسك المنظمة بزيادة الإنتاج لمعادلة الانخفاض المتوقع في المعروض من خارجها، وهو ما سيكسبها مزيدا من قيادة المعروض النفطي وقدرة أكبر على تلبية الاحتياجات إلى جانب توسيع حصصها السوقية.

    من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، جوي بروجي مستشار شركة "توتال" العالمية للطاقة، أن حالة عدم اليقين التي تواجه الاقتصاد العالمي عطلت مسيرة جيدة من تعافي الأسعار، وكان يمكن أن تستمر حاليا بعدما وصلت الأسعار إلى مستوى 53 دولارا للبرميل في حزيران (يونيو) الماضي، ولكن مغادرة بريطانيا للتكتل عدلت كثيرا من الحسابات والتوقعات.

    وأشار بروجي إلى أن بعض الدول المنتجة تدفع فاتورة فادحة من استمرار تقلب الأسعار في السوق بشكل حاد وفي مقدمتها فنزويلا، التي تصاعدت لديها الأزمة الاقتصادية، حيث ارتفع التضخم إلى 700 في المائة بعد تخفيض العملة، كما نزح كثير من السكان إلى كولومبيا بعد تفاقم وتردي الأوضاع المعيشية، منوها إلى ضرورة تعاون دولي واسع لإنقاذ الاقتصاد الفنزويلي وعودته إلى مكانته الطبيعية في تصدير النفط الخام.

    وأوضح أن الطلب على النفط قد يتضرر بشكل مؤقت من تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي، ولكن على المدى الطويل سيفرض نفسه في ضوء النمو السكاني المتسارع، وزيادة احتياجات الطاقة في مختلف دول العالم، خاصة دول العالم النامي ووسط آسيا بقيادة الهند وباكستان وغيرها من الدول.

    ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، ديف سانيال مدير الطاقة البديلة في عملاق الطاقة بريتيش بتروليوم "بي بي"، أن النفط والغاز سيستمران في المساهمة بأكثر من نصف مزيج الطاقة العالمي حتى عام 2030، إلا أن هذه النسبة ستتراجع إلى 44 في المائة خلال عام 2040، مؤكدا أن تغيرات جوهرية ستستمر في الحدوث، والتأثير في مزيج الطاقة العالمي على مدى السنوات الـ 20 المقبلة.

    وأضاف بروجي أن الاعتماد على الغاز يتزايد عالميا نظرا لانخفاض أخطاره البيئية، لافتا إلى أن عديدا من المدن الرئيسة في جميع أنحاء العالم تنمو بها مشروعات الغاز بسرعة كبيرة خاصة بكين التي تعتبر حاليا من بين أكبر المستهلكين للغاز الطبيعي. وأشار بروجي إلى أن "بي بي" تدرك أهمية توسيع الشراكة والتعاون في السوق الصينية، ومن هذا المنطلق وقعت اتفاقية تعاون استراتيجي مع شركة النفط الوطنية الصينية، ويشمل هذا التعاون مع شركة النفط الوطنية الصينية عقد التنقيب وتقاسم الإنتاج الخاص بإنتاج الغاز الصخري في حوض "سيتشوان" العملاق في الصين، وهو ما يعد أبرز برامج وثمار التعاون المشترك بين البلدين.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية